للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك نجد الآيات الكثيرة تبين أن الآلهة التي عبدها المشركون من دون الله ليس بيدها شيء، وأنها لا تجلب نفعًا ولا تدفع ضرًا فهي لا تملك ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا.

ومن تلك الآيات قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (١).

وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣)} (٢).

فهذه الآيات تبين للمشركين أن آلهتهم التي يعبدون من دون الله غير مستحقة للعبادة، لأن الذي يستحق للعبادة هو من بيده الخلق والرزق والإحياء والإماتة، والضر، والنفع، وهو الله سبحانه وتعالى وحده.

فتوحيد الألوهية لا يصح بدون توحيد الربوبية لأن من عبد الله وحده ولم يشرك به شيئًا في عبادته لكنه مع ذلك اعتقد أن لغير الله تأثير في شيء من دفع ضر أو جلب نفع أو تصرف فعبادته لا تغني عنه شيئًا. يقول ابن أبي العز (٣) رحمه الله تعالى: التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الألوهية المتضمن توحيد الربوبية (٤).


(١) سورة النحل الآيتان (٢٠ - ٢١).
(٢) سورة النحل آية (٧٣).
(٣) هو علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الدمشقي، عالم فقيه تولى القضاء بدمشق ثم بالديار المصرية، واستفاد من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم كثيرًا، له كتب مفيدة نافعة منها: شرح العقيدة الطحاوية، والإتباع، توفي سنة ٧٩٢ هـ رحمه الله تعالى.
الدرر الكامنة (٣/ ٨٧) وشذرات الذهب (٦/ ٣٢٦).
(٤) شرح العقيدة الطحاوية (١/ ١٢).

<<  <   >  >>