بعد أن عرفنا فيما سبق حقيقة التوحيد وأنواعه التي هي توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، يحسن بنا أن نعرف العلاقة بين هذه الأنواع، وصلتها ببعضها، وهل هي متلازمة في الوجود بمعنى أن بعضها لا يوجد بدون الآخر؟ أم أنها غير متلازمة، وهل يغني اعتقاد بعضها فقط أم لابد من اعتقاد جميعها.
والحقيقة أن بينها علاقة متينة، وصلة قوية.
فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، لأنه من اعترف بأن الله عز وجل هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت، وأنه رب كل شيء ومليكه يحتم عليه ذلك أن يخلص العبادة له عز وجل بجميع أنواعها لأنه تبارك وتعالى ذو الألوهية المستحق للعبادة وحده دون سواه، لأن جميع الأمور بيده، فلا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا هادي لمن أضل، ولا ضال لمن هدى سواه عز وجل، ولهذا نجد الآيات الواردة في القرآن الكريم في توحيد الربوبية تحث وترشد إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة ما سواه، وعدم صرف أي نوع من أنواع العبادة لغيره عز وجل، كما قال عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ