الرضا بالقضاء والقدر هو التسليم وسكون القلب وطمأنينته للقضاء الذي قضى الله سبحانه وتعالى به وهو الحكيم العليم، وهذا جزء لا يتجزأ من الإيمان وركن من أركانه لا يصح الإيمان إلّا به، ولكن يجب على المؤمن ألّا يرضى بالذنوب والعيوب ومخالفة الإسلام؛ لأن الله تعالى أمره ألّا يرضى بها وأن يحاربها ويعمل على إزالتها، ويجب عليه طاعة الله تعالى والتوبة والاستغفار من الذنوب، ولا يحتجّ بأنها مقدّرة عليه لأن هذا احتجاج مردود.
أمّا الرّضا بما قدّره الله سبحانه وتعالى وقضاه من المصائب والنوائب والصبر على طاعة الله تعالى، والصبر عن معصيته وعلى أنواع المكاره والطمأنينة إلى حكم الله عزّ وجلّ فهذا مأمور به، وهذا أمر يخلط فيه بعض الناس فيظنّون أن العبد مأمور بالرضا بكل ما قدّره الله وقضاه سواء كانت المصائب أو الذنوب والمعاصي، ولا شكّ أن هذا غلط مجانب للصواب، لأن الحق في هذا أن العبد لا يلزمه الرضا بكل مقضيّ فضلًا عن أن يسر به، بل المعاصي والذنوب وإن كانت بقضاء الله وقدره إلّا أن العبد يكرهها ويسخطها وتجب عليه التوبة منها والندم على اقترافها.
يقول ابن أبي العزّ رحمه الله تعالى: "فإن قيل: إذا كان الكفر بقضاء الله وقدره، ونحن مأمورون أن نرضى بقضاء الله، فكيف ننكره ونكرهه؟