للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع بيانه أن السلف أعلم وأن مذهبهم أسلم وأحكم]

قال ابن رجب رحمه الله تعالى: ... وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم، فمنهم من نطق في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة، ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله.

ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين، وهذا يلزم منه ما قبله لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولًا ممن كان قبلهم، فإذا كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله، كان أعلم ممن كان أقل منهم قولًا بطريق الأولى، كالثوري والأوزاعي والليث وابن المبارك وطبقتهم، وممن قبلهم من التابعين والصحابة أيضًا فإن هؤلاء كلهم أقل كلامًا ممن جاء بعدهم.

وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح، وإساءة الظن بهم، ونسبته لهم إلى الجهل وقصور العلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة رضي الله عنهم: "أنهم أبر الأمة قلوبًا وأعمقها علومًا وأقلها تكلفًا ... " (١).

وفي هذا إشارة إلى أن من بعدهم أقل علومًا وأكثر تكلفًا. وقال


(١) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (ص ٣٦٨).

<<  <   >  >>