للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن مسعود أيضًا: "إنكم في زمان كثير علماؤه، قليل خطباؤه، وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه، كثير خطباؤه" (١).

فمن كثر علمه وقلّ قوله فهو ممدوح، ومن كان بالعكس فهو مذموم (٢).

وقال أيضًا رحمه الله تعالى: ... فمن عرف قدر السلف عرف أن سكوتهم عما سكتوا عنه من ضروب الكلام، وكثرة الجدال، والخصام، والزيادة والبيان، على مقدار الحاجة، لم يكن عيًا ولا جهلًا، ولا قصورًا، وإنما كان ورعا وخشية لله، واشتغالًا عما لا ينفع بما ينفع.

وسواء في ذلك كلامهم في أصول الدين، وفروعه، وفي تفسير القرآن والحديث، وفي الزهد، والرقائق، والحكم، والمواعظ، وغير ذلك مما تكلموا فيه.

فمن سلك سبيلهم، فقد اهتدى، ومن سلك غير سبيلهم، ودخل في كثرة السؤال، والبحث، والجدال، والقيل والقال، فإن اعترف لهم بالفضل، وعلى نفسه بالنقص، كان حاله قريبًا ...

وإن ادَّعَى لنفسه الفضل، ولمن سبقه النقص والجهل، فقد ضلّ ضلالًا مبينًا، وخسر خسرانًا عظيمًا ... (٣).

فقد بيّن ابن رجب رحمه الله تعالى في كلامه السابق أن السلف رضي الله عنهم كانوا أهل نظر ودراية، وأنهم كانوا أسلم وأحكم وأعلم في أصول الدين وفروعه بل في كل قضية من قضايا هذا الدين الحنيف.


(١) أخرجه أبو خيثمة في العلم (ص ١٣٥) والبخاري في الأدب المفرد (ص ٢٦٧) وصححه الحافظ في الفتح (١٠/ ٥١٠).
(٢) فضل علم السلف على علم الخلف (ص ١٤٦).
(٣) المصدر السابق (ص ١٦١).

<<  <   >  >>