خلق الله سبحانه وتعالى آدم بيده ثم أنزله إلى هذه المعمورة وأسبغ عليه نعمًا كثيرة لا تعد ولا تحصى وزوده بالعقل والسمع والإرادة حتى يتمكن بواسطتها إدراك ما يلقى إليه من أوامر الله عز وجل ونواهيه، ثم أرسل الله سبحانه وتعالى إلى ذريته من بعده رسلًا من جنسهم يبلغون دين الله، وأنزل عليهم كتبًا تعرفهم بخالقهم وموجودهم وبأمره ونهيه ووعده ووعيده، وقد شاء الله سبحانه وتعالى بحكمته وإرادته أن تكون أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - آخر الأمم ورسولهم خاتم الأنبياء والرسل وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنزل عليه كتابًا تبيانًا لكل شيء، وناسخًا لما قبله من الكتب ومهيمنًا عليها وهو القرآن الكريم، وقد ضمنه الله سبحانه وتعالى بيان الغاية العظمى والمقصد الأساسي الذي من أجله خلقهم وأوجدهم في هذه الأرض واستخلفهم فيها ألا وهو عبادته سبحانه وتعالى وإخلاص العبادة له وحده والبراءة من كل معبود سواه وهو ما يسمى بتوحيد العبادة فهو أول واجب على العباد، وهو أصل الدين وأساس شرائع الإسلام، وهو من الدين بمثابة الروح من الجسد، وهو التوحيد الذي بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم، فكان كل رسول يفتتح دعوته لقومه بتوحيد الألوهية كما قال تعالى:{يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}(١).