للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعم هؤلاء معرفة من عرفه من كلامه، فإنه يعرف ربًا قد اجتمعت له صفات الكمال، ونعوت الجلال، منزّه عن المثال، بريء من النقائص والعيوب له كل اسم حسن وكل وصف كمال، فعال لما يريد، فوق كل شيء، ومع كل شيء، وقادر على كل شيء، ومقيم لكل شيء، آمر، ناه، متكلم بكلماته الدينية والكونية، أكبر من كل شيء، وأجمل من كل شيء، أرحم الراحمين وأقدر القادرين وأحكم الحاكمين، فالقرآن أنزل لتعريف عباده به وبصراطه الموصل إليه، وبحال السالكين بعد الوصول إليه (١).

وقد أشار ابن رجب رحمه الله تعالى إلى أن أفضل العلم وأحسنه هو العلم بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته التي تجعل العبد يزداد خشية ومحبة وإجلالًا لله عز وجل، فقال: ... فأفضل العلم العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه والتوكل عليه والصبر والرضا عنه والاشتغال به دون خلقه.

وتبع ذلك العلم بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتفاصيل ذلك والعلم بأوامر الله ونواهيه وشرائعه وأحكامه، وما يحبه من عباده من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.

ومن جمع هذه العلوم فهو من العلماء الربانيين، العلماء بالله العلماء بأمره وهم أكمل ممن قصر علمه على العلم بالله دون العلم بأمره، وبالعكس (٢).


(١) الفوائد (ص ٢٣٣).
(٢) شرح حديث أبي الدرداء (ص ٤١).

<<  <   >  >>