للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليّ بشبر تقربت إليه ذراعًا وإن تقرب إليّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) (١).

وقد بين ابن رجب رحمه الله تعالى أن ما جاء في هذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث التي تثبت صفات الله تبارك وتعالى أنها تثبت من غير تحريف ولا تشبيه ولا تمثيل بل على الوجه الذي يليق بجلال الله وعظمته، ومن فهم من هذه الأحاديث تشبيهًا أو حلولًا فإنما فهمه بسبب جهله وعدم معرفته بربه، والله ورسوله بريئان من ذلك.

قال رحمه الله تعالى بعد أن ذكر بعضًا من هذه الأحاديث التي ذكرتها: ... ومن فهم شيئًا من هذه النصوص تشبيهًا أو حلولًا أو اتحادًا فإنما أتي من جهله، وسوء فهمه عن الله عزّ وجلّ وعن رسوله، والله ورسوله بريئان من ذلك كله، فسبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (٢).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا في شرحه للحديث القدسي: وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ... (٣) " ... فمتى امتلأ القلب بعظمة الله تعالى محا ذلك من القلب كل ما سواه ولم يبق للعبد شيء من نفسه وهواه، ولا إرادة إلا لما يريده منه مولاه، فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره، ولا يتحرك إلا بأمره، فإن نطق نطق بالله، وإن سمع سمع به، وإن نظر نظر به وإن بطش بطش به، فهذا هو المراد بقوله: (كنت


(١) أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (٨/ ١٧١) ومسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى (٤/ ٢٠٦١).
(٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٨٩).
(٣) تقدم تخريجه (ص ١٦٨).

<<  <   >  >>