للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن رجب رحمه الله تعالى: إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ليعبدوه، ويعرفوه ويخشوه ويخافوه، ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف إجلال، ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه، ليتقوه بصالح الأعمال، ولهذا كرر سبحانه وتعالى في كتابه ذكر النار، وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال والأغلال. . . وغير ذلك مما فيها من الأهوال والفظائع والعظائم ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه، والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما نهى عنه ويكرهه ويأباه، فمن تأمل الكتاب الكريم وأدار فكره فيه وجد من ذلك العجب العجاب، وكذلك السنة الصحيحة التي هي مفسرة ومبينة لمعاني الكتاب، وكذلك سير السلف الصالح أهل العلم والإيمان من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، من تأملها علم أحوال القوم وما كانوا عليه من الخوف والخشية والإخبات وأن ذلك هو الذي رقاهم إلى تلك الأحوال الشريفة والمقامات السنيات، من شدة الاجتهاد في الطاعات والانكفاف عن دقائق الأعمال المكروهات فضلًا عن المحرمات (١).

ويقول أيضًا رحمه الله تعالى: ""فإن الله تعالى خلق الخلق وأوجدهم لعبادته الجامعة لخشيته ورجائه ومحبته كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} (٢) (٣).

ويقول رحمه الله تعالى أيضًا: فإن الله تعالى خلق الخلق كلهم لعبادته كما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} (٢) وأرسل الرسل كلهم للدعوة إلى توحيده وطاعته كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ


(١) التخويف من النار (ص ٦، ٧).
(٢) سورة الذاريات آية (٥٦).
(٣) استنشاق نسيم الأنس (ص ٣).

<<  <   >  >>