للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرجحه أيضًا بل أنه يعتبره قولًا موافقًا للذي قبله حيث يقول: ولعل الحسن أشار بكلامه الذي حكيناه عنه من قبل إلى هنا فإن تحقق القلب بمعنى: لا إله إلا الله، وصدقه فيها، وإخلاصه بها، يقتضي أن يرسخ فيه تأله الله وحده إجلالا وهيبة ومخافة ومحبة ورجاء وتعظيما وتوكلًا. ويمتلىء بذلك وينتفي عنه تأله ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك لم يبق فيه محبة ولا إرادة ولا طلب لغير ما يريد الله ويحبه ويطلبه، وينتفي بذلك من القلب جميع أهواء النفوس، وإرادتها ووسواس الشيطان ... إلى أن قال رحمه الله: "فتبين بهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار" (١) وأن من دخل النار من أهل هذه الكلمة فلقلة صدقه في قولها فإن هذه الكلمة إذا صدقت طهرت القلب من كل ما سوى الله، فمن صدق في قول: لا إله إلا الله لم يجب سواه، ولم يرج إلا إياه، ولم يخش إلا الله، ولم يتوكل إلا على الله، ولم يبق له بقية من إيثار نفسه وهواه، ومتى بقي في القلب أثر لسوى الله فمن قلة الصدق في قولها" (٢).

والقولان الأخيران هما أحسن ما قيل في معنى هذه الأحاديث وهما في الحقيقة متفقان لا اختلاف بينهما، وهما اللذان مال إليهما ابن رجب ورجحهما لأن من قال: لا إله إلا الله بصدق وإخلاص ويقين يقتضي ذلك منه فعل الطاعات واجتناب المحرمات.

وهذا ما رجحه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى حيث قال بعد أن ذكر جملة من الأحاديث الواردة في ذلك: "وأحسن ما قيل في معناها ما قاله شيخ


(١) تقدم تخريجه (ص ٣١٦).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٤٥ - ١٤٨).

<<  <   >  >>