للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سائر العصاة، لأن الرياء هو الشرك الأصغر، والذنوب المتعلقة بالشرك أعظم من المتعلقة بغيره" (١).

وقال رحمه الله تعالى عن النوعين جميعًا: "فإن جميع النعم من الله وفضله ... فمن أضاف شيئًا من النعم إلى غير الله مع اعتقاد أنه ليس من الله فهو مشرك حقيقة، ومع اعتقاد أنه من الله فهو شرك خفي" (٢).

وقال رحمه الله تعالى في بيان النوعين وأمثلتهما بعد أن تكلم عن أنواع العبادة "فمن أشرك مخلوقًا في شيء من الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحًا في إخلاصه في قول لا إله إلا الله ونقصًا في توحيده، وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك، وهذا كله من فروع الشرك، ولهذا ورد إطلاق الكفر والشرك على كثير من المعاصي التي منشأها من طاعة غير الله أو خوفه أو رجائه أو التوكل عليه والعمل لأجله كما ورد إطلاق الشرك على الرياء وعلى الحلف بغير الله والتوكل على غير الله والاعتماد عليه، وعلى من سوى بين الله وبين المخلوق في المشيئة مثل أن يقول: ما شاء الله وشاء فلان، وكذا قوله: مالي إلا الله وأنت، وكذلك ما يقدح في التوحيد وتفرد الله بالنفع والضر كالطيرة، والرقي المكروهة، وإتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون، وكدلك اتباع هوى النفس فيما نهى الله عنه، قادح في تمام التوحيد وكماله، ولهذا أطلق الشرك على كثير من الذنوب التي منشأها من هوى النفس أنها كفر وشرك كقتال المسلم، ومن أتى حائضًا أو امرأة في دبرها، ومن شرب الخمرة، وإن كان ذلك لا يخرجه عن الملة بالكلية، ولهذا قال السلف: كفر دون كفر، وشرك دون شرك" (٣).


(١) التخويف من النار (٢٢٣).
(٢) لطائف المعارف (ص ٧٠).
(٣) كلمة الإخلاص (ص ٢٣ - ٢٥).

<<  <   >  >>