للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء الذين قسموا البدع إلى حسنة وسيئة احتجوا بنصوص لا دليل لهم فيها وإنما هي شبهات تعلقوا بها، واغتر بها من لا علم عنده من المتصوفة والجهال والعوام مما دعاهم إلى أن يتعبدوا الله سبحانه وتعالى بعبادات لم ترد عن الله ولا عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا نهاهم عالم أو أحد طلبة العلم عن ذلك قالوا: أن ما نفعله بدعة حسنة وليس بدعة سيئة.

وقد ذكر ابن رجب رحمه الله تعالى النصوص والأمور التي تعلقوا بها ورد عليهم فيها، وبيّن أنه لا حجة لهم فيها فقال: "وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك من البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: "نعمت البدعة هذه" (١) وروي عنه أنه قال: "إن كانت هذه بدعة، فنعمت البدعة" (٢).

وروي عن أبي بن كعب قال له: إن هذا لم يكن، فقال عمر: قد علمت، ولكنه حسن. ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت، ولكن له أصل في الشريعة يرجع إليه:

فمنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحث على قيام رمضان ويرغب فيه، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعات متفرقة ووحدانًا وهو - صلى الله عليه وسلم -، صلى بأصحابه في رمضان غير ليلة ثم امتنع من ذلك، معللًا بأنه خشي أن يكتب عليهم، فيعجزوا عن القيام به، وهذا قد أمن بعده - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه البخاري: كتاب صلاة التراويح (٢/ ٢٥٢).
(٢) بهذه الرواية أخرجه ابن سعد في الطبقات (٥/ ٤٢) وانظر: صلاة التراويح للألباني (ص ٤٢).

<<  <   >  >>