للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معظم المظالم من ضرائب ومكوس، وهؤلاء هم الذين عصفت بهم التيارات المنحرفة ونشطت بهم الطرق الصوفية.

الأمر الثاني: الأوبئة والأمراض التي تعرض لها المجتمع:

لم تسلم البلاد في عهد المماليك من الأوبئة والأمراض الفتاكة التي كان لها أثر بالغ على النفوس، أدى ذلك إلى موت الآلاف من الناس وقلة الأيدي العاملة لأن عدم التحكم في مياه النيل كان يترتب عليه فساد الزراعة وقلة المحاصيل وبالتالي انتشار المجاعات المصحوبة بالأمراض والأوبئة ومن تلك الأوبئة والمجاعات: الطاعون الذي وقع سنة ٧٤٩ هـ وما أصاب الناس في تلك السنة من أثره منقطع النظير حتى أنه إذا ما حل في أهل بيت من البيوت لا يكاد يخرج منه حتى يقضي عليهم بل إن هذا الوباء قد عم أقاليم الأرض شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، يقول ابن كثير رحمه الله تعالى في وصفه: "وتواترت الأخبار بوقوع البلاء في أطراف البلاد فذكر عن بلاد القرم أمر هائل وموتان فيهم كثير، ثم ذكر أنه انتقل إلى بلاد الفرنج حتى قيل أن أهل قبرص مات أكثرهم أو يقارب ذلك، وكذلك وقع بغزة أمر عظيم، وقد جاءت مطالعة نائب غزة إلى نائب دمشق أنه مات من يوم عاشوراء إلى مثله من شهر صفر نحو من بضعة عشر ألفًا. . . . . . وفي هذا الشهر أيضًا كثر الموت في الناس بأمراض الطواعين وزاد الأموات كل يوم إلى مئة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإذا وقع في أهل بيت لا يكاد يخرج منه حتى يموت أكثرهم. . . . . وقد توفي في هذه الأيام من هذا الشهر خلق كثير وجم غفير، ولاسيما من النساء، فإن الموت فيهن أكثر من الرجال بكثير كثير، وشرع الخطيب في القنوت بسائر الصلوات والدعاء برفع الوباء من المغرب ليلة الجمعة سادس شهر ربيع الآخر من هذه السنة، وحصل للناس بذلك خضوع وخشوع وتضرع وإنابة، وكثرت الأموات في هذا

<<  <   >  >>