للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - وطائفة أخرى عكست القول، وأخذوا بحديث: "لا عدوى"، وتركوا الأخذ بالأحاديث الأخرى التي فيها الأمر بالاجتناب، وأعلّوا بعضها بالشذوذ كحديث: "فر من المجذوم فرارك من الأسد"، وأن عائشة رضي الله عنها أنكرته وقالت: "ولكنه قال: "لا عدوى وقال: "فمن أعدى الأوّل".

وهذان القولان لا يسلمان من المآخذ.

أمّا الأول: فقولهم إن أبا هريرة راوي حديث "لا عدوى" رجع عنه ... فإن هذا لا يضرّ؛ لأن الحديث قد رواه جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك وجابر بن عبد الله وابن عمر وغيرهم، فنسيان أبي هريرة لا يضرّ.

وأمّا القول الثاني: فقولهم بإعلال حديث "فر من المجذوم"، فان ذلك لا يضرّ لأن أحاديث الاجتناب الأخرى ثابتة.

٣ - وقالت طائفة أخرى: إن أحاديث النفي مخاطب بها قوى الإيمان، وأحاديث الإثبات مخاطب بها ضعيف الإيمان.

قال صاحب تيسير العزيز الحميد: "وهذا القول فيه نظر" (١).

٤ - وقال طائفة: إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى" نفي لما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من إضافة الفعل لغير الله تعالى، وأن هذه الأمراض تعدى بطبعها وإلا قد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح للمريض سببًا لحدوث المرض وانتقاله إلى الصحيح.

ولعلّ القول الأخير هو أرجح الأقوال وأحسنها، وقد رجّحه طائفة من العلماء (٢).


(١) تيسير العزيز الحميد (ص ٣٧٢).
(٢) انظر: حكاية هذه الأقوال في فتح الباري لابن حجر (١٠/ ١٦٠ - ١٦٢)، وتيسير العزيز الحميد (ص ٣٧١ - ٣٧٤).

<<  <   >  >>