للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روى هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنّه قال ذلك في مرض موته من حديث علي وأسامة بن زيد وكعب بن مالك وغيرهم.

وخرّج الإمام أحمد حديث أسامة بن زيد ولفظه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أدخل عليّ أصحابي"، فدخلوا فكشف القناع، ثم قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (١) ... " (٢).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "اتّخاذ القبور مساجد ليس هو من شريعة الإسلام بل هو من عمل اليهود وقد لعنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ... وقد دلّ القرآن على مثل ما دلّ عليه هذا الحديث، وهو قول الله عزّ وجلّ في قصة أصحاب الكهف: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} (٣).

فجعل اتّخاذ القبور مساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى، وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتّبعين لما أنزل الله على رسله من الهدى" (٤).

ولذلك يقول رحمه الله تعالى: "فالعدوى التي تهلك من قاربها هي المعاصي، فمن قاربها وخالطها وأصرّ عليها هلك، وكذلك مخالطة أهل المعاصي، ومن يحسن المعصية ويزيّنها ويدعو إليها من شياطين الإنس، وهم أضرّ من شياطين الجن" (٥).

ويقول رحمه الله تعالى أيضًا: "وفي الجملة فلا شؤم إلّا المعاصي


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢٠٤).
(٢) فتح الباري ورقة (٢/ ٤٤١ - ٤٤٢).
(٣) سورة الكهف، آية (٢١).
(٤) فتح الباري ورقة (٢/ ٣٩٧).
(٥) لطائف المعارف (ص ٧٧).

<<  <   >  >>