للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسلًا أرسلهم لإرشاد الخلق إلى ما فيه خيرهم في معاشهم ومعادهم، فيجب الإيمان بمن سمّى الله منهم في كتابه على التفصيل والإيمان جملة بأن لله رسلًا غيرهم وأنبياء لا يعلمهم إلّا هو سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} (١).

والواجب الإيمان بجميع رسل الله تعالى دون تفريق بينهم، فمن آمن بالبعض وكفر بالبعض الآخر فقد كفر بالجميع؛ كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١)} (٢).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: "يتوعد تبارك وتعالى الكافرين به وبرسله من اليهود والنصارى حيث فرّقوا بين الله ورسله في الإيمان، فآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعض بمجرّد التشهي والعادة وما ألفوا عليه آباءهم لا عن دليل قادهم إلى ذلك، فإن لا سبيل لهم إلى ذلك بل بمجرّد الهوى والعصبية، فاليهود عليهم لعائن الله آمنوا بالأنبياء إلّا عيسى ومحمّدًا عليهما الصّلاة والسّلام، والنصارى آمنوا بالأنبياء وكفروا بخاتمهم وأشرفهم محمد - صلى الله عليه وسلم - ... والمقصود أن من كفر بنبيّ من الأنبياء فقد كفر بسائر الأنبياء، فإن الإيمان واجب بكل نبيّ بعثه الله إلى أهل الأرض، فمن ردّ نبوّته للحسد أو العصبية أو التشهّي تبيّن أن إيمانه بمن آمن به من الأنبياء ليس إيمانًا شرعيًا، إنما هو عن غرض وهوى وعصبية" (٣).


(١) سورة غافر، آية (٧٨).
(٢) سورة النساء، آية (١٥٠، ١٥١).
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ٥٧٢).

<<  <   >  >>