للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ} (١)، وقوله: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} (٢).

وخرّج الإمام أحمد من حديث أبي الدرداء عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه" (٣).

واعلم أن مدار جميع هذه الوصية من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس على هذا الأصل وما بعده وما قبله متفرّع عليه وراجع إليه، فإنه إذا علم العبد أنه لن يصيبه إلّا ما كتب الله له من خير أو شرّ أو نفع أو ضرّ، وأن اجتهاد الخلق كلّهم جميعًا على خلاف المقدور غير مفيد شيئًا البتّة، علم حينئذ أن الله تعالى وحده هو الضارّ النافع والمعطي المانع" (٤).

بهذا يتبيّن لنا أن قول ابن رجب رحمه الله تعالى في مسألة قضاء الله وقدره موافق لما دلّت عليه نصوص الكتاب والسنّة، وموافق لقول غيره من علماء السلف من أهل السنّة والجماعة؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مقرّرًا مذهب السلف: "مذهب أهل السنّة والجماعة أن الله تعالى خالق كل شيء وربّه ومليكه لا ربّ غيره، ولا خالق سواه، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم، والعبد مأمور بطاعة الله وطاعة رسوله، منهيّ عن معصية الله ومعصية رسوله، فإن أطاع كان ذلك نعمة، وإن عصى كان مستحقًا للذمّ والعقاب وكان لله عليه الحجّة البالغة، ولا حجّة لأحد


(١) سورة الحديد، آية (٢٢).
(٢) سورة آل عمران، آية (١٥٤).
(٣) أخرجه أحمد (٦/ ١٨٥)، والطبراني في الكبير (٥/ ١٧٨)، وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٩٧): رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات.
(٤) نور الاقتباس (ص ٧٨، ٧٩).

<<  <   >  >>