للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلاف المقدور غير مفيد شيئًا البتة، علم حينئذ أن الله تعالى وحده هو الضارّ النافع والمعطي المانع، فأوجب ذلك للعبد توحيد ربّه عزّ وجلّ وإفراده بالاستعانة والسؤال والتضرّع والابتهال وإفراده أيضًا بالعبادة والطاعة؛ لأن المعبود إنما يقصد بعبادته جلب المنافع ودفع المضار. . ." (١).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "فإذا أنت أحكمت باب اليقين، فحصول اليقين للقلب بالقضاء السابق والتقدير الماضي يوجب رضا النفس بالقضاء والقدر وطمأنينتها به.

وقد دلّ القرآن الكريم على هذا المعنى بعينه في قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} (٢).

قال الضحاك (٣): "عزاهم لئلّا تأسوا على ما فاتكم: لا تأسوا على شيء من أمر الدنيا فإنّا لم نقدّره لكم، ولا تفرحوا بما آتاكم: لا تفرحوا بشيء من أمر الدنيا أعطيناكموه فإنه لم يكن يزوى عنكم" (٣).

وقال سعيد بن جبير (٤) في هذه الآية: "لكيلا تأسوا على ما فاتكم


(١) نور الاقتباس (ص ٧٩).
(٢) سورة الحديد، آية (٢٣).
(٣) الضحاك بن مزاحم الهلالي أبو محمد صاحب التفسير، قال الذهبي: كان من أوعية العلم، وليس بالمجود لحديثه، وهو صدوق في نفسه، وله باع كبير في التفسير والقصص، توفي سنة ١٠٢ هـ.
سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٩٨)، وتهذيب التهذيب (٤/ ٤٥٣).
(٤) الإمام الحافظ المجود المقرئ المفسّر أبو محمد سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي، من كبار التابعين، كان ذا عبادة، وزهد ودين، قتله الحجاج سنة ٩٥ هـ. طبقات ابن سعد (٦/ ٢٥٦)، ذكر أخبار أصبهان (١/ ٣٢٤)، وسير أعلام النبلاء (٤/ ٣٢١).

<<  <   >  >>