للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، بعثني بالحق، ويؤمن بالموت ويؤمن بالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر خيره وشره" (١).

فهذه الآيات والأحاديث تدل على وجوب الإيمان باليوم الآخر وتبين أهميته.

وقد اهتم الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى بهذا الركن من أركان الإيمان اهتمامًا كبيرًا وتعرض له في كثير من مؤلفاته بل إنه أفرد بعض جوانبه بمؤلفات خاصة، فقد تكلم في كتابه أهوال القبور عن عذاب القبر ونعيمه وما ورد في ذلك من الآيات والأحاديث كما تكلم أيضًا في كتاب التخويف من النار عن النار وعذابها وصفات أهلها، كما أنه أشار في ثنايا كتبه الأخرى عن جوانب كثيرة مما يكون بعد الموت من البعث والنشور وما يكون في يوم القيامة من ثواب وعقاب وجنة ونار، وما يكون قبل ذلك كله من علامات وأشراط مما هو دليل على ذلك اليوم العظيم.

وقد أشار ابن رجب رحمه الله تعالى إلى وجوب الإيمان بالغيب والتسليم بذلك بدون تكلف البحث عن الكيفيات التي ترد في الكتاب والسنة، لأن البحث في ذلك يؤدي إلى الحيرة والشك فقال رحمه الله تعالى مبينًا ذلك: "ومما يدخل النهي عن التعمق والبحث عنه أمور الغيب الخبرية التي أمرنا بالإيمان بها ولم يبين كيفيتها، وبعضها قد لا يكون له شاهد في هذا العالم المحسوس، فالبحث عن كيفية ذلك هو مما لا يغني، وهو مما ينهى عنه، وقد يوجب الحيرة والشك ويرتقي إلى التكذيب" (٢).


(١) تقدم تخريجه (ص ٦٠٢).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ٣٤٢).

<<  <   >  >>