للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عز وجل بالموت وما بعده ذكره الله عند هذه الشدائد فكان معه فيها، ولطف به وأعانه وتولاه وثبته على التوحيد فلقيه وهو عنه راض.

ومن نسي الله في حال صحته ورخائه، ولم يستعد حينئذ للقائه نسيه الله في هذه الشدائد، بمعنى أنه أعرض عنه فأهمله، فإذا نزل الموت بالمؤمن المستعد له أحسن الظن بربه، وجاءته البشرى من الله، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، والفاجر بعكس ذلك.

وحينئذ يفرح المؤمن ويستبشر بما قدمه مما هو قادم عليه، ويندم المفرط ويقول: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} (١)) (٢).

كما بيّن ابن رجب رحمه الله تعالى أقسام الناس باليوم الآخر فمنهم المكذب والمنكر الذي لا يرجو لقاءه، ومنهم المصدق والمقر به وهؤلاء على درجات متفاوتة فقال: "انقسم بنو آدم في الدنيا إلى قسمين:

أحدهما: من أنكر أن يكون للعباد دار بعد الدنيا للثواب والعقاب وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨)} (٣).

وهؤلاء همهم التمتع في الدنيا واغتنام لذاتها قبل الموت كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} (٤).

القسم الثاني: من يقر بدار بعد الموت للثواب والعقاب، وهم المنتسبون إلى شرائع المرسلين، وهم منقسمون إلى ثلاثة أقسام: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات بإذن الله.


(١) سورة الزمر آية (٥٦).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ٩٤، ٩٥).
(٣) سورة يونس آية (٧، ٨).
(٤) سورة محمد آية (١٢).

<<  <   >  >>