للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧)} (١) ثم بيّن انقطاعه وإنفاده فقال: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (٨)} (٢).

فلما فهموا أن هذا هو المقصود من الدنيا جعلوا همهم التزود منها للآخرة التي هي دار القرار، فاكتفوا من الدنيا بما يكتفي به المسافر في سفره كما كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب قال في ظل شجرة، ثم راح عنها وتركها" (٣) ...

وأهل هذه الدرجة على قسمين:

منهم من يقتصر من الدنيا على قدر ما يسد الرمق فقط، وهو حال كثير من الزهاد.

ومنهم من يفسح لنفسه أحيانًا في تناول بعض شهواتها المباحة لتقوى النفس بذلك وتنشط للعمل كما روي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة" (٤) ...

ومتى نوى من تناول شهواته المباحة التقوي على طاعة الله كانت شهواته له طاعة يثاب عليها (٥).


(١) سورة الكهف آية (٧).
(٢) سورة الكهف آية (٨).
(٣) تقدم تخريجه (ص ٥٧٩).
(٤) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٨) والنسائي: كتاب عشرة النساء (٧/ ٦١) والحاكم (٢/ ١٦٠) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
قال العراقي: إسناده جيد. تخريج الإحياء (٢/ ٣٠).
وقال ابن حجر: إسناده حسن. التلخيص الحبير (٣/ ١١٦).
(٥) جامع العلوم والحكم (٢/ ٣٦١ - ٣٦٧).

<<  <   >  >>