للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مات، ونُفُسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه بباب لد (١) فيقتله، ثم يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة" (٢).

والأحاديث الواردة في الدجال كثيرة جدًا. قال النووي رحمه الله تعالى: "قال القاضي: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ويقتله عيسى - صلى الله عليه وسلم - ويثبت الله الذين آمنوا. هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافًا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة ... في أنه صحيح الوجود ولكن الذي يدعي مخارف وخيالات لا حقائق لها، وزعموا أنه لو كان حقًا لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له وإنما يدعي الإلهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه.


(١) باب لد: بضم اللام وتشديد الدال، وهو بلدة قريبة من بيت المقدس.
معجم البلدان (٥/ ١٥).
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال (٤/ ٢٢٥١، ٢٢٥٢).

<<  <   >  >>