للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المشركين تتبع كل فرقة منهم ما كانت تعبد في الدنيا، فترد النار مع معبودها أولًا، وقد دل القرآن على هذا المعنى في قوله تعالى في شأن فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨)} (١) وأما من عبد المسيح والعزير من أهل الكتاب فإنهم يتخلفون مع أهل الملل المنتسبين إلى الأنبياء ثم يردون النار بعد ذلك.

وقد ورد في حديث آخر: أن من كان يعبد المسيح يمثل له شيطان المسيح فيتبعونه، وكذلك من كان يعبد العزير، وفي حديث الصور أنه يمثل لهم ملك على صورة المسيح وملك على صورة العزير، ولا يبقى بعد ذلك إلا من كان يعبد الله وحده في الظاهر سواء كان صادقًا أو منافقًا من هذه الأمة وغيرها، ثم يتميز المنافقون عن المؤمنين بامتناعهم من السجود، وكذلك يمتازون عنهم بالنور الذي يقسم للمؤمنين" (٢).

كما بيّن ابن رجب رحمه الله تعالى أن من استقام على الطريق المستقيم سلم من النار واستقام سيره على الصراط المنصوب على متن جهنم قال رحمه الله: "إن الإيمان والعمل الصالح في الدنيا هو الصراط المستقيم في الدنيا الذي أمر الله العباد بسلوكه والاستقامة عليه، وأمرهم بسؤال الهداية إليه، فمن استقام سيره على هذا الصراط المستقيم في الدنيا ظاهرًا وباطنًا استقام مشيه على ذلك الصراط المنصوب على متن جهنم ومن لم يستقم سيره على هذا الصراط المستقيم في الدنيا بل انحرف عنه إما إلى فتنة الشبهات أو إلى فتنة الشهوات كان اختطاف الكلاليب له على صراط جهنم بحسب اختطاف الشبهات والشهوات له عن هذا


(١) سورة هود آية (٩٨).
(٢) التخويف من النار (ص ١٨٦) وما بعدها.

<<  <   >  >>