للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برغوثية، وزعفرانية، ومستدركة، ووافقوا المعتزلة في نفي الصفات من العلم، والقدرة، والإرادة، والحياة، والسمع، والبصر. ووافقوا الصفاتية في خلق الأعمال.

قال النجار: الباري تعالى مريد لنفسه كما هو عالم لنفسه، فألزم عموم التعلق، فالتزم وقال: هو مريد الخير والشر، والنفع والضر، وقال أيضا: معنى كونه مريدا أنه غير مستكره ولا مغلوب، وقال: هو خالق أعمال العباد، خيرها وشرها، حسنها وقبيحها، والعبد مكتسب لها. وأثبت تأثيرا للقدرة الحادثة؛ وسمى ذلك كسبا على حسب ما يثبته الأشعري، ووافقه أيضا في أن الاستطاعة مع الفعل. وأما في مسألة الرؤية فأنكر رؤية الله تعالى بالأبصار وأحالها؛ غير أنه قال: يجوز أن يحول الله تعالى القوة التي في القلب من المعرفة إلى العين؛ فيعرف الله تعالى بها فيكون ذلك رؤية. وقال بحدوث الكلام لكنه انفرد عن المعتزلة بأشياء منها:

قوله إن كلام الباري تعالى إذا قرئ فهو عرض، وإذا كتب فهو جسم. ومن العجب أن الزعفرانية١ قالت كلام الله غيره، وكل ما هو غيره فهو مخلوق، ومع ذلك قالت: كل من قال إن القرآن مخلوق فهو كافر. ولعلهم أرادوا بذلك الاختلاف، وإلا فالتناقض ظاهر. والمستدركة٢ منهم زعموا أن كلامه غيره، وهو مخلوق لكن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: "كلام الله غير مخلوق" والسلف عن آخرهم أجمعوا


١ قال عبد القاهر ص١٢٧ وهؤلاء أتباع الزعفران الذي كان بالري. وكان يناقض بآخر كلامه أوله. فيقول: إن كلام الله تعالى غيره، وكل ما هو غير الله تعالى مخلوق. ثم يقول مع ذلك: الكلب خير ممن يقول كلام الله مخلوق. وذكر بعض أصحاب التواريخ أن هذا الزعفراني أراد أن يشهر نفسه في الآفاق فاكترى رجلا على أن يخرج إلى مكة ويسبه ويلعنه في مواسم مكة ليشتهر ذكره عند حجيج الآفاق".
٢ قال عبد القاهر ص١٢٧ "هؤلاء قوم من النجارية يزعمون أنهم استدركوات ما خفي على أسلافهم لأن أسلافهم منعوا إطلاق القول بأن القرآن مخلوق. وزعمت المستدركة أنه مخلوق، ثم افترقوا فيما بينهم فرقتين: فرقة زعمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال إن كلام الله مخلوق على ترتيب هذه الحروف، ولكنه اعتقد ذلك بهذه اللفظة على ترتيبه حروفها. ومن لم يقل إن النبي عليه السلام قال ذلك على ترتيب هذه الحروف فهو كافر".
"وقالت الفرقة الثانية منهم إن النبي عليه السلام لم يقل كلام الله مخلوق على ترتيب هذه الحروف ولكنه اعتقد ذلك ودل عليه. ومن زعم أنه قال إن كلام الله مخلوق بهذه اللفظة فهو كافر".

<<  <  ج: ص:  >  >>