أصحاب صالح بن عمر الصالحي, والصالحي، ومحمد بن شبيب، وأبو شمر، وغيلان؛ كلهم جمعوا بين القدر والإرجاء. ونحن وإن شرطنا أن نورد مذاهب المرجئة الخالصة إلا أنه بدا لنا في هؤلاء، لانفرادهم عن المرجئة بأشياء.
فأما الصالحي فقال: الإيمان هو المعرفة بالله تعالى على الإطلاق، وهو أن للعالم صانعا فقط. والكفر هو لجهل به على الإطلاق. قال: وقول القائل: ثالث ثلاثة، ليس بكفر لكنه لا يظهر إلا من كافر. وزعم أن معرفة الله تعالى هي المحبة والخضوع له. ويصح ذلك مع حجة الرسول. ويصح في العقل أن يؤمن بالله، ولا يؤمن برسوله. غير أن الرسول عليه السلام قد قال:"من لا يؤمن بي فليس بمؤمن بالله تعالى" وزعم أن الصلاة ليست بعبادة لله تعالى، وأنه لا عبادة له إلا الإيمان به؛ وهو معرفته. وهو خصلة واحدة لا يزيد، ولا ينقص. وكذلك الكفر خصلة واحدة لا يزيد ولا ينقص.
وأما أبو شمر المرجئ القدري، فإنه زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله عز وجل. والمحبة والخضوع له بالقلب والإقرار به أنه واحد ليس كمثله شيء، ما لم تقم عليه حجة الأنبياء عليهم السلام. فإذا قامت الحجة فالإقرار بهم وتصديقهم من الإيمان والمعرفة. والإقرار بما جاءوا به من عند الله غير داخل في الإيمان الأصلي. وليست كل خصلة من خصال الإيمان إيمانا ولا بعض إيمان، فإذا اجتمعت كانت كلها إيمانا، وشرط في خصال الإيمان معرفة العدل، يريد به القدر خيره وشره من العبد؛ من غير أن يضاف إلى الباري تعالى منه شيء