اعلم أن العرب في الجاهلية كانت على ثلاثة أنواع من العلوم:
أحدها: علم الأنساب والتواريخ والأديان، ويعدونه نوعا شريفا، خصوصا معرفة أنساب أجداد النبي عليه الصلاة والسلام، والإطلاع على ذلك النور الوارد من صلب إبراهيم، إلى إسماعيل عليهما السلام، وتواصله في ذريته إلى أن ظهر بعض الظهور في أسارير عبد المطلب: سيد الوادي, شيبة الحمد، وسجد له الفيل الأعظم، وعليه قصة أصحاب الفيل.
وببركة ذلك النور دفع الله تعالى شر أبرهة وأرسل عليهم طيرا أبابيل.
وببركة ذلك النور رأى تلك الرؤيا في تعريف موضع زمزم, ووجدان الغزالة والسيوف التي دفنتها جرهم.
وببركة ذلك النور ألهم عبد المطلب النذر الذي نذر في ذبح العاشر من أولاده، وبه افتخر النبي عليه الصلاة والسلام حين قال:"أنا ابن الذبيحين" أراد بالذبيح الأول إسماعيل عليه السلام، وهو أول من انحدر إليه النور فاختفى، وبالذبيح الثاني عبد الله بن عبد المطلب، وهو آخر من انحدر إليه النور فظهر كل الظهور.
وببركة ذلك النور كان عبد المطلب يأمر أولاده بترك الظلم والبغي. ويحثهم على مكارم الأخلاق، وينهاهم عن دنيات الأمور.
وببركة ذلك النور كان قد سلم إليه النظر في حكومات العرب والحكم بين المتخاصمين، فكان يوضع له وسادة عند الملتزم فيستند إلى الكعبة وينظر في حكومات القوم.