للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- حكم الشيخ اليوناني:

وله رموز وأمثال. منها قوله: إن أمك رءوم لكنها فقيرة رعناء. وإن أباك لحدث لكنه جواد مقدر، يعني بالأم الهيولى وبالأب الصورة, وبالرءوم انقيادها، وبالفقر احتياجها إلى الصورة، وبالرعونة قلة ثباتها على ما تحصل عليه، وأما حداثة الصورة أي هي مشرقة لك بملابسة الهيولى.

وأما جودها: أي النقص لا يعتريها من قبل ذاتها، فإنها جواد، لكن من قبل قبول الهيولى، فإنها إنما تقبل على تقديرها وهذا ما فسر به رمزه ولغزه.

وحمل الأم على الهيولى صحيح مطابق للمعنى، وليس حمل الأب على الصورة بذلك الوضوح، بل حمله على العقل الفعال الجواد، الواهب للصور على قدر استعدادات القوابل أظهر.

وقال: لك نسبان: نسب إلى أبيك، ونسب إلى أمك. أنت بأحدهما أشرف، وبالآخر أوضع، فانتسب في ظاهرك وباطنك إلى من أنت به أشرف، وتبرأ في باطنك وظاهرك ممن أنت فيه أوضع، فإن الولد الفسل١ يحب أمه أكثر مما يحب أباه، وذلك دليل على دخل العرق وفساد المحتد. قيل: أراد بذلك الهيولى والصورة، أو البدن والنفس، أو الهيولى والعقل الفعال.

وقال: قد ارتفع إليك خصمان منك يتنازعان فيك, أحدهما محق, والآخر مبطل، فاحذر أن تقضي بينهما بغير الحق فتهلك أنت.

والخصمان أحدهما: العقل، والثاني: الطبيعة.

وقال: كما أن البدن الخالي من النفس يفوح منه نتن الجيفة، كذلك النفس الخالية من الأدب يحس نقصها بالكلام والأفعال.

وقال: الغائب المطلوب في طي الشاهد الحاضر. وقال أبو سليمان السجزي: مفهوم


١ الفسل: الضيف، الأحمق، الذي لا مروءة له ولا جلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>