للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- الأشعرية:

أصحاب أبي الحسن١ علي بن إسماعيل الأشعري؛ المنتسب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، وسمعت من عجيب الاتفاقات أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه كان يقرر عين ما يقرر الأشعري أبو الحسن في مذهبه، وقد جرت مناظرة بين عمرو بن العاص وبينه، فقال عمرو: أين أجد أحدا أحاكم إليه ربي. فقال أبو موسى: أنا ذلك المتحاكم إليه فقال عمرو: أو يقدر على شيئا ثم يعذبني عليه؟ قال: نعم. قال عمرو: ولم؟ قال: لأنه لا يظلمك. فسكت عمرو، ولم يحر جوابا.

قال الأشعري: الإنسان إذا فكر في خلقته، من أي شيء ابتدأ، وكيف دار في أطوار الخلقة طورا بعد طور حتى وصل إلى كمال الخلقة، وعرف يقينا أنه بذاته لم يكن ليدبر خلقته، وينقله من درجة إلى درجة، ويرقيه من نقص إلى كمال، علم بالضرورة أن له صانعا قادرا، عالما، مريدا، إذ لا يتصور حدوث هذه الأفعال المحكمة من طبع لظهور آثار الاختيار في الفطرة، وتبين آثار الإحكام والإتقان في الخلقة. فله صفات دلت أفعاله عليها لا يمكن جحدها. وكما دلت الأفعال على كونه عالما، قادرا، مريدا، دلت على العلم والقدرة والإرادة، لأن وجه الدلالة لا يختلف شاهدا وغائبا. وأيضا لا معنى للعالم حقيقة إلا أنه ذو علم، ولا للقادر إلا أنه ذو قدرة، ولا للمريد إلا أنه ذو إرادة. فيحصل بالعلم الإحكام والإتقان. ويحصل بالقدرة الوقوع والحدوث ويحصل بالإرادة التخصيص بوقت دون وقت، وقدر دون قدر، وشكل دون شكل. وهذه الصفات لن يتصور أن يوصف بها الذات إلا وأن يكون الذات حيا بحياة للدليل الذي ذكرناه.

وألزم منكري الصفات إلزاما لا محيص لهم عنه، وهو أنكم وفاقتمونا بقيام الدليل


١ توفي أبو الحسن الأشعري سنة ٣٢٤هـ ومن أشهر كتبه: مقالات الإسلاميين، واختلاف المصلين، الإبانة عن أصول الديانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>