نسبوا إلى رجل يقال له عنان بن داود، رأس الجالوت. يخالفون سائر اليهود في السبت والأعياد، وينهون عن أكل الطير والظباء والسمك والجراد، ويذبحون الحيوان على القفا، ويصدقون عيسى عليه السلام في مواعظه وإشاراته. ويقولون إنه لم يخالف التوراة ألبتة، بل قررها، ودعا الناس إليها، وهو من بني إسرائيل المتعبدين بالتوراة ومن المستجيبين لموسى عليه السلام؛ إلا أنهم لا يقولون بنبوته ورسالته.
ومن هؤلاء من يقول: إن عيسى عليه السلام لم يدع أنه نبي مرسل، وليس من بني إسرائيل، وليس هو صاحب شريعة ناسخة لشريعة موسى عليه السلام، بل هو من أولياء الله المخلصين العارفين بأحكام التوراة. وليس الإنجيل كتاباً إنزل عليه وحياً من الله تعالى، بل هو جمع أحواله من مبدئه إلى كماله، وإنما جمعه أربعة من أصحابه الحواريين فكيف يكون كتاباً منزلاً؟
قالوا: واليهود ظلموه حيث كذبوه أولاً، ولم يعرفوا بعد دعواه، وقتلوه آخراً، ولم يعلموا بعد محله ومغزاه. وقد ورد في التوراة ذكر المشيحا في مواضع كثيرة، وذلك هو المسيح؛ ولكن لم ترد النبوة، ولا الشريعة الناسخة. وورد فارقليط وهو الرجل العالم؛ وكذلك ورد ذكره في الإنجيل؛ فوجب حمله على ما وجد. وعلى من ادعى غير ذلك تحقيقه وحده.