وهم الحكماء الذين تلوهم في الزمان، وخالفوهم في الرأي، مثل أرسطو طاليس ومن تابعه على رأيه، مثل: الإسكندر الرومي، والشيخ اليوناني، وديوجانس الكلبي وغيرهم، وكلهم على رأى أرسطو طاليس في المسائل التي تفرد بها عن القدماء.
ونحن نذكر من آرائه ما يتعلق بغرضنا من المسائل التي شرع فيها الأوائل وخالفهم المتأخرون. ونحصرها في ست عشرة مسألة. وبالله التوفيق.
١- رأى أرسطوطاليس بن نيقوماخوس:
من أهل أسطاخرا، وهو المقدم المشهور، والمعلم الأول، والحكيم المطلق عندهم. وكان مولده في أول سنة من ملك أردشير بن دارا، فلما أتت عليه سبع عشرة سنة أسلمه أبوه إلى المؤدب أفلاطون فمكث عنده نيفا وعشرين سنة. وإنما سموه المعلم الأول، لأنه واضع التعاليم المنطقية ومخرجها من القوة إلى الفعل، وحكمه حكم واضع النحو، وواضع العروض فإن نسبة المنطق إلى المعاني التي في الذهن كنسبة النحو إلى الكلام، والعروض إلى الشعر. وهو واضع، لا بمعنى أنه لم تكن المعاني مقومة بالمنطق قبله فقومها، بل بمعنى أنه جرد آلته عن المادة فقومها تقريبا إلى أذهان المتعلمين، حتى يكون كالميزان عندهم، يرجعون إليه عند اشتباه الصواب بالخطأ، والحق بالباطل. إلا أنه أجمل القول فيه إجمال الممهدين، وفصله المتأخرون تفصيل الشارحين. وله حق السبق، وفضيلة التمهيد. وكتبه في الطبيعيات، والإلهيات، والأخلاق، معروفة، ولها شروح كثيرة.