للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- الغسانية:

أصحاب غسان١ الكوفي. زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى وبرسوله، والإقرار بما أنزل الله، وبما جاء به الرسول في الجملة دون التفصيل، والإيمان لا يزيد ولا ينقص، وزعم أن قائلا لو قال: أعلم أن الله تعالى قد حرم أكل الخنزير، ولا أدري هل الخنزير الذي حرمه: هذه الشاة أم غيرها؟ كان مؤمنا، ولو قال: أعلم أن الله تعالى فرض الحج إلى الكعبة، غير أني لا أدري أين الكعبة؟ ولعلها بالهند؛ كان مؤمنا ومقصوده أن أمثال هذه الاعتقادات أمور وراء الإيمان، لا أنه كان شاكا في هذه الأمور، فإن عاقلا لا يستجيز من عقله أن يشك في أن الكعبة: إلى أي جهة هي؟ وأن الفرق بن الخنزير والشاة ظاهر.

ومن العجيب أن غسان كان يحكي عن أبي حنيفة رحمه الله مثل مذهبه، ويعده من المرجئة، ولعله كذب كذلك عليه، لعمري! كان يقال لأبي حنيفة وأصحابه مرجئة السنة. وعده كثير من أصحاب المقالات من جملة المرجئة، ولعل السبب فيه أنه لما كان يقول: الإيمان هو التصديق بالقلب، وهو لا يزيد ولا ينقص، ظنوا أنه يؤخر العمل عن الإيمان. والرجل مع تخريجه في العمل كيف يفتي بترك العمل؟ وله سبب آخر، وهو أنه كان يخالف القدرية، والمعتزلة الذين ظهروا في الصدر الأول. والمعتزلة كانوا يلقبون كل من خالفهم في القدر مرجئا، وكذلك الوعيدية من الخوارج. فلا يبعد أن اللقب إنما لزمه من فريقي المعتزلة والخوارج، والله أعلم.


١ في الفرق بين الفرق ص١٢٣ "زعم أن الإيمان هو الإقرار أو المحبة لله تعالى وتعظيمه وترك الاستكبار عليه، وقال إنه لا يزيد ولا ينقص، وفارق اليونسية بأن سمى كل خصلة من الإيمان بعض الإيمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>