كان يقول في المبدع الأول: إنه ليس هو العنصر فقط، ولا العقل فقط، بل الأخلاط الأربعة، وهي الاسطقسات: أوائل الموجودات كلها، ومنها أبدعت الأشياء البسيطة كلها دفعة واحدة، وأما المركبة فإنها كونت دائمة دائرة، إلا أن ديمومتها بنوع، ودثورها بنوع. ثم إن العالم بجملته باق غير داثر، لأنه ذكر أن هذا العالم متصل بذلك العالم الأعلى، كما أن عناصر هذه الأشياء متصلة بلطيف أرواحها الساكنة فيها. والعناصر وإن كانت تدثر في الظاهر، فإن صفوها من الروح البسيط الذي فيها، فإذا كان كذلك فليس يدثر إلا من جهة الحواس، فأما من نحو العقل فإنه ليس يدثر، فلا يدثر هذا العالم إذا كان صفوها فيه، وصفوه متصل بالعوالم البسيطة.