وسئل: بأي شيء يخالف الناس في هذا الزمان البهائم؟ قال: بالشرور.
قال: وما رأينا العقل قط إلا خادما للجهل، وفي رواية للسجزي: إلا خادما للجد، والفرق بينهما ظاهر، فإن الطبيعة ولوازمها إذا كانت مستولية على العقل: استخدمه الجهل، وإذا كان ما قسم للإنسان من الخير والشر فوق تدبيره العقلي: كان الجد مستخدما للعقل، ويعظم جد الإنسان ما يعقل، وليس يعظم العقل ما يجد، ولهذا! خيف على صاحب الجد ما لم يخف على صاحب العقل. والجد أصم، أخرس، لا يفقه، ولا ينقه، وإنما هو ريح تهب، وبرق يلمع، ونار تلوح، وصحو يعرض، وحلم يمتع. وهذا اللفظ أولى، فإنه عمم الحكم فقال ما رأينا العقل قط، وقد يعرض للعقل أن يرى ولا يستخدمه الجهل، وذلك هو الأكثر.
وقال زينون: في الجرادة خلقة سبعة جبابرة رأسها رأس فرس، وعنقها عنق ثور، وصدرها صدر أسد، وجناحها جناح نسر، ورجلاها رجلا جمل، وبطنها بطن عقرب، وذنبها ذنب حية. هكذا ذكره زينون.