في السبب الذي أوجب ترتيب هذا الكتاب على طريق الحساب وفيها إشارة إلى مناهج الحساب:
لما كان مبنى الحساب على الحصر والاختصار، وكان غرضي من تأليف هذا الكتاب حصر المذاهب مع الاختصار؛ اخترت طريق الاستيفاء ترتيبا، وقدرت أغراضي على مناهجه تقسيما وتبويبا. وأردت أن أبين كيفية طرق هذا العلم وكمية أقسامه؛ لئلا يظن بي أني من حيث أنا فقيه ومتكلم، أجنبي النظر في مسالكه ومراسمه، أعجمي القلم بمداركه ومعالمه، فآثرت من طرق الحساب أحكامها وأحسنها، وأقمت عليه من حجج البرهان أوضحها وامتنها، وقدرتها على علم العدد، وكان الواضع الأول منه استمداد المدد، فأقول: مراتب الحساب تبتدئ من واحد، وتنتهي إلى سبع، ولا تجاوزها ألبتة.
المرتبة الأولى: صدر الحساب وهو الموصوع الأول الذي يرد عليه التقسيم الأول، وهو فرد لا زوج له باعتبار، وجملة يقبل التقسيم والتفصيل باعتبار، فمن حيث إنه فرد فهو لا يستدعي أختا تساويه في الصورة والمدة، ومن حيث هو جملة فهو قابل للتفصيل حتى ينقسم إلى قسمين، وصورة المدة يجب أن تكون من الطرف إلى الطرف، ويكتب تحتها حشوا، مجملات التفاصيل، ومرسلات التقدير والتقرير، والنقل والتحويل، وكليات وجوه المجموع، وحكايات الإلحاق والموضوع، ويكتب تحتها بارزا من الطرف الأيسر كميات مبالغ المجموع.
المرتبة الثانية منها: الأصل، وشكلها محقق، وهو التقسيم الأول الذي ورد على المجموع الأول، وهو زوج ليس بفرد. ويجب حصره في قسمين لا يعدوان إلى ثالث.