الخارجون عن الملة الحنيفية، والشريعة الإسلامية؛ ممن يقول بشريعة وأحكام، وحدود وأعلام. وهم قد انقسموا
إلى من له كتاب محقق؛ مثل التوراة، والإنجيل؛ وعن هذا يخاطبهم التنزيل بأهل الكتاب.
وإلى من له شبهة كتاب؛ مثل: المجوس، والمانوية. فإن الصحف التي أنزلت على إبراهيم عليه السلام قد رفعت إلى السماء؛ لأحداث أحدثها المجوس، ولهذا يجوز عقد العهد والذمام معهم، وينحى بهم نحو اليهود والنصارى؛ إذ هم من أهل الكتاب؛ ولكن لا يجوز مناكحتهم، ولا أكل ذبائحهم؛ فإن الكتاب قد رفع عنهم.
فنحن: نقدم ذكر أهل الكتاب؛ لتقدمهم بالكتاب. ونؤخر ذكر من له شبهة كتاب.
أهل الكتاب والأميون:
الفرقتان المتقابلتان قبل المبعث هم: أهل الكتاب والأميون؛ والأمي من لا يعرف الكتابة. وكانت اليهود والنصارى بالمدينة؛ والأميون بمكة.
وأهل الكتاب كانوا ينصرون دين الأسباط١، ويذهبون مذهب بني إسرائيل؛ والأميون كانوا ينصرون دين القبائل، ويذهبون مذهب بني إسماعيل. ولما انشعب النور الوارد من آدم عليه السلام إلى إبراهيم عليه السلام، ثم الصادر عنه إلى شعبتين: شعبة في بني إسرائيل، وشعبة في بني إسماعيل. وكان النور المنحدر منه إلى بني إسرائيل
١ الأسباط: جمع سبط، وهو الفريق من اليهود؛ يقال للعرب قبائل ولليهود أسباط.