وإنما شنع عليه الحكماء من جهة قوله: إن أول مبدع هو العناصر، وبعدها أبدعت البسائط الروحانية، فهو يرتقي من الأسفل إلى الأعلى، ومن الأكدر إلى الأصفى.
ومن شيعته: فليوخوس، إلا أنه خالفه في المبدع الأول، وقال بقول سائر الحكماء، غير أنه قال: إن المبدع الأول هو مبدع الصورة فقط دون الهيولى، فإنها لم تزل مع المبدع.
فأنكروا عليه وقالوا: إن الهيولى لو كانت أزلية قديمة: لما قبلت الصور، ولما تغيرت منحال إلى حال، ولما قبلت فعل غيرها، إذ الأزلي لا يتغير. وهذا الرأي مما كان يعزى إلى أفلاطون الإلهي، والرأي في نفسه مزيف، والعزوة إليه غير صحيحة.
ومما نقل عن ديمقريطيس وزينون الأكبر وفيثاغورث أنهم كانوا يقولون: إن الباري تعالى متحرك بحركة فوق هذه الحركة الزمانية. وقد أشرنا إلى المذهبين، وبينما المراد بإضافة الحركة والسكون إلى الله تعالى. ونزيده شرحا من احتجاج كل فريق على صاحبه.
قال أصحاب السكون: إن الحركة لا تكون أبدا إلا ضد السكون، والحركة لا تكون إلا بنوع زمان إما ماض وإما مستقبل، والحركة لا تكون إلا مكانية إما منتقلة وإما مستوية، ومن المستوية تكون الحركة المستقيمة، والحركة المعوجة، والمكانية تكون مع الزمان، فلو كان الباري تعالى متحركا، لكان داخلا في الدهر والزمان.
قال أصحاب الحركة: إن حركته أعلى من جميع ما ذكرتموه، وهو مبدع الدهر والمكان، وإبداعه ذلك هو يعنى بالحركة. والله أعلم.