للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} ١وأما العفو ففي قوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ٢.

ففي أحكام التوراة: أحكام السياسة الظاهرة العامة، وفي الإنجيل: أحكام السياسة الباطنة الخاصة، وفي القرآن أحكام السياستين جميعاً: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ٣ إشارة إلى تحقيق السياسة الظاهرة، وقوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ، وقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ٤ إشارة إلى تحقيق السياسة الباطنة. وقد قال عليه الصلاة والسلام: "هو أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك".

ومن العجب أن من رأى غيره يصدق ما عنده، ويكمله ويرقيه من درجة إلى درجة، كيف يسوغ له تكذيبه؟ والنسخ في الحقيقة ليس إبطالاً؛ بل هو تكميل.

وفي التوراة: أحكام عامة، وأحكام خاصة، إما بأشخاص، وإما بأزمان. وإذا انتهى الزمان لم يبق ذلك لا محالة، ولا يقال إنه إبطال، أو بداء. كذلك ها هنا.

وأما السبت فلو أن اليهود عرفوا: لم ورد التكليف بملازمة السبت، وهو يوم أي شخص من الأشخاص؟ وفي مقابلة أية حالة من الأحوال؟ وجزئي أي زمان؟ عرفوا أن الشريعة الأخيرة حق، وأنها جاءت لتقرير السبت لا لإبطاله، وهم الذين عدو في السبت حتى مسخوا قردة خاسئين وهم يعترفون بذلك، وبأن موسى عليه السلام بنى بيتاً وصور فيه صوراً وأشخاصاً، وبين مراتب الصور، وأشار إلى تلك الرموز. ولكن لما فقدوا الباب، باب حطة؛ ولم يمكنهم التسور، على سنن اللصوص تحيروا تائهين، وتاهوا متحيرين؛ فاختلفوا على إحدى وسبعين فرقة.

ونحن نذكر منها أشهرها وأظهرها عندهم، ونترك الباقي هملاً. والله الموفق.


١، ٢، ٣ البقرة آية ١٧٨، ٢٣٧، ١٧٩.
٤ الأعراف آية ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>