علمه في معلوماته فلا ينقلب علمه جهلا. ومريد لما يخلق في الوقت الذي يخلق بإرادته حادثة. وقائل لكل ما يحدث بقوله كن حتى يحدث، وهو الفرق بين الإحداث والمحدث، والخلق والمخلوق. وقال: نحن نثبت القدر خيره وشره من الله تعالى، وأنه أراد الكائنات كلها خيرها وشرها، وخلق الموجودات كلها حسنها وقبيحها، ونثبت للعبد فعلا بالقدرة الحادثة ويسمى ذلك: كسبا، والقدرة الحادثة مؤثرة في إثبات فائدة زائدة على كونه مفعولا لا مخلوقا للباري تعالى. تلك الفائدة هي مورد التكليف، والمورد هو المقابل بالثواب والعقاب.
واتفقوا على أن العقل يحسن ويقبح قبل الشرع، وتجب معرفة الله تعالى بالعقل كما قالت المعتزلة، إلا أنهم لم يثبتوا رعاية الصلاح والأصلح واللطف عقلا كما قالت المعتزلة. وقالوا: الإيمان هو الإقرار باللسان فقط دون التصديق بالقلب، ودون سائر الأعمال. وفرقوا بين تسمية المؤمن مؤمنا فيما يرجع إلى أحكام الظاهر والتكليف، وفيما يرجع إلى أحكام الآخرة والجزاء. فالمنافق عندهم: مؤمن في الدنيا على الحقيقة، مستحق للعقاب الأبدي في الآخرة.
وقالوا في الإمامة إنها تثبت بإجماع الأمة دون النص والتعيين كما قال أهل السنة. إلا أنهم جوزوا عقد البيعة لإمامين في قطرين، وغرضهم إثبات إمامة معاوية في الشام باتفاق جماعة من أصحابه. وإثبات أمير المؤمنين علي بالمدينة والعراقين باتفاق جماعة من الصحابة. ورأوا تصويب معاوية فيما استبد به من الأحكام الشرعية قتالا على طلب عثمان رضي الله عنه، واستقلالا ببيت المال.
ومذهبهم الأصلي اتهام علي رضي الله عنه في الصبر على ما جرى مع عثمان رضي الله عنه والسكوت عنه، وذلك عرق نزع.