للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا فنى أهل التكليف. قال: وأجمعوا على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كفر، كفر النعمة، لا كفر الملة، وتوقفوا في أطفال المشركين، وجوزوا تعذيبهم على سبيل الانتقام، وأجازوا أن يدخلوا الجنة تفضلا. وحكى الكعبي عنهم أنهم قالوا بطاعة لا يراد بها الله تعالى، كما قال أبو الهذيل.

ثم اختلفوا في النفاق: أيسمى شركا أم لا:؟ قالوا: إن المنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا موحدين، إلا أنهم ارتكبوا الكبائر، فكفروا بالكبيرة لا بالشرك، وقالوا: كل شيء أمر الله تعالى به فهو عام ليس بخاص، وقد أمر به المؤمن والكافر، وليس في القرآن خصوص، وقالوا: لا يخلف الله تعالى شيئا إلا دليلا على وحدانيته، ولابد أن يدل به واحدا. وقال قوم منهم: يجوز أن يخلق الله تعالى رسولا بلا دليل، ويكفلف العباد بما أوحي إليه، ولا يجب عليه إظهار المعجزة، ولا يجب على الله تعالى ذلك إلى أن يخلق دليلا، ويظهر معجزة. وهم جماعة متفرقون في مذاهبهم تفرق الثعالبة والعجاردة.

"أ" الحفصية ١:

هم أصحاب حفص بن أبي المقدام، تميز عنهم بأن قال إن بين


١ "في مقالات الإسلاميين" ص١٠٢ ج١ "فالفرقة الأولى منهم -يعني الإباضية- يقال لها الحفصية. كان إمامهم حفص بن أبي المقدام. زعم أن بين الشرك والإيمان معرفة الله وحده. فمن عرف الله سبحانه ثم كفر بما سواه من رسول أو جنة أو نار، أو عمل بجميع الخبائث من قتل النفس واستحلال الزنا وسائر ما حرم الله سبحانه من فروج النساء فهو كافر بريء من الشرك. وكذلك من اشتغل بسائر ما حرم الله سحبانه مما يؤكل ويشرب فهو كافر بريء من الشرك. ومن جهل الله سبحانه وأنكره فهو مشرك. فبرئ منه الإباضية إلا من صدقه منهم. وتأولوا في عثمان نحو ما تأولت الشيعة في أبي بكر وعمر. وزعم أن عليا هو الحيران الذي ذكره الله في القرآن، [الأنعام آية ٧١]- {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} وزعم أن عليا هو الذي أنزل الله سبحانه فيه - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} -[البقرة آية ٢٠٤] ، وأن عبد الرحمن بن ملجم هو الذي أنزل الله فيه - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} -[البقرة آية ٢٠٧] . ثم قال بعد ذلك: الإيمان بالكتب والرسل متصل بتوحيد الله، فمن كفر بذلك فقد أشرك بالله".

<<  <  ج: ص:  >  >>