وهؤلاء ظهروا بخراسان في أيام أبي مسلم حتى قيل إن أبا مسلم كان على هذا المذهب، لأنهم ساقوا الإمام إلى أبي مسلم، فقالوا: له حظ في الإمامة، وادعوا حلول روح الإله فيه، ولهذا أيده على بني أمية حتى قتلهم عن بكرة أبيهم واصطلمهم١، وقالوا بتناسخ الأرواح.
والمقنع الذي ادعى الإلهية لنفسه على مخاريق أخرجها كان في الأول على هذا المذهب وتابعه مبيضة ما وراء النهر، وهؤلاء صنف من الخرمية دانوا بترك الفرائض وقالوا الدين معرفة الإمام فقط، ومنهم من قال: الدين أمران: معرفة الإمام، وأداء الأمانة، ومن حصل له الأمران فقد وصل إلى الكمال، وارتفع عنه التكليف، ومن هؤلاء من ساق الإمامة إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس من أبي هاشم محمد بن الحنفية وصية إليه؛ لا من طريق آخر.
وكان أبو مسلم صاحب الدولة على مذهب الكيسانية في الأول، واقتبس من دعاتهم العلوم التي اختصوا بها، وأحس منهم أن هذه العلوم مستودعة فيهم؛ فكان يطلب المستقر فيه، فبعث إلى الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنهما: إني قد أظهرت الكلمة، ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت، فإن رغبت فيه، فلا مزيد عليك.
فكتب إليه الصادق رضي الله عنه: ما أنت من رجالي، ولا الزمان زماني.
فحاد أبو مسلم إلى العباس عبد الله بن محمد السفاح، وقلده أمر الخلافة.