الفسق، وذلك الخلمأ خطأ اجتهادي، غير أنه طعن في عثمان رضي الله عنه للأحداث التي أحدثها، وأكفره بذلك، وأكفر عائشة والزبير وطلحة رضي الله عنهم بإقدامهم على قتال علي رضي الله عنه، ثم إنه طعن في الرافضة، فقال: إن أئمة الرافضة قد وضعوا مقالتين لشيعتهم، لا يظهر أحد قط عليهم.
إحداهما: القول بالبداء؛ فإذا أظهروا قولا: أنه سيكون لهم قوة وشوكة وظهور، ثم لا يكون الأمر على ما أظهروه، قالوا: بدا لله تعالى في ذلك.
والثاني: التقية، فكل ما أرادوا تكلموا به، فإذا قيل لهم في ذلك إنه ليس بحق وظهر لهم البطلان قالوا: إنما قلناه تقية، وفعلناه تقية.
وتابعه على القول بجواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل قوم من المعتزلة منهم: جعفر بن مبشر، وجعفر بن حرب، وكثير النوي وهو من أصحاب الحديث. قالوا: الإمامة من مصالح الدين، ليس يحتاج إليها لمعرفة الله تعالى وتوحيده، فإن ذلك حاصل بالعقل، لكنها يحتاج إليها لإقامة الحدود، والقضاء بين المتحاكمين، وولاية اليتامى والأيامي، وحفظ البيضة، وإعلاء الكلمة، ونصب القتال مع أعداء الدين، وحتى يكون للمسلمين جماعة، ولا يكون الأمر فوضى بين العامة، فلا يشترط فيها أن يكون الإمام أفضل الأمة علما، وأقدمهم عهدا، وأسدهم رأيا وحكمة؛ إذ الحاجة تنسد بقيام المفضول مع وجود الفاضل والأفضل.
ومالت جماعة من أهل السنة إلى ذلك حتى جوزوا أن يكون الإمام غير مجتهد، ولا خبير بمواقع الاجتهاد، ولكن يجب أن يكون معه من يكون من أهل الاجتهاد فيراجعه في الأحكام، ويستفتي منه في الحلال والحرام، ويجب أن يكون في الجملة ذا رأي متين، وبصر في الحوادث نافذ.