للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعم أبو الخطاب أن الأئمة أنبياء ثم آلهة. وقال بإلهية جعفر بن محمد، وإلهية آبائه رضي الله عنهم. وهم أبناء الله وأحباؤه. والإلهية نور في النبوة، والنبوة نور في الإمامة. ولا يخلو العالم من هذه الآثار والأنوار. وزعم أن جعفرا هو الإله في زمانه، وليس هو المحسوس الذي يرونه. ولكن لما نزل إلى هذا العالم لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها.

ولما وقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على خبث دعوته قتله بسبخة الكوفة. وافترقت الخطابية بعده فرقا.

فزعمت فرقة أن الإمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له معمر، ودانوا به كما دانوا بأبي الخطاب. وزعموا أن الدنيا لا تفنى، وأن الجنة هي التي تصيب الناس من خير ونعمة وعافية. وأن النار هي التي تصيب الناس من شر ومضقة وبلية. واستحلوا الخمر والزنا، وسائر المحرمات، ودانوا بترك الصلاة والفرائض، وتسمى هذه الفرقة المعمرية.

وزعمت طائفة أن الإمام بعد أبي الخطاب: بزيغ، وكان يزعم أن جعفرا هو الإله؛ أي ظهر الإله بصورته للخلق، وزعم أن كل مؤمن يوحي إليه من الله، وتأول قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} ١ أي بوحي إليه من الله، وكذلك قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} ٢ وزعم أن من أصحابه من هو أفضل من جبريل وميكائيل، وزعم أن الإنسان إذا بلغ الكمال لا يقال له إنه قد مات، ولكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل رجع إلى الملكوت، وادعوا كلهم معاينة أمواتهم، وزعموا أنهم يرونهم بكرة وعشية، وتسمى هذه الطائفة البزيغية.

وزعمت طائفة أن الإمام بعد أبي الخطاب: عمير بن بيان العجلي، وقالوا كما قالت الطائفة الأولى، إلا أنهم اعترفوا بأنهم يموتون، وكانوا قد نصبوا خيمة بكناسة السكوفة يجتمعون فيها على عبادة الصادق رضي الله عنه، فرفع خبرهم إلى يزيد بن عمر بن هبيرة، فأخذ عميرا فصلبه في كناسة الكوفة، وتسمى هذه الطائفة العجلية والعميرية أيضا.


١ يونس آية ١٠٠.
٢ النحل آية ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>