على هذا المنهاج. فقالوا في الباري تعالى: إنا لا نقول: هو موجود، ولا لا موجود، ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز.
وكذلك في جميع الصفات، فإن الإثبات الحقيقي يقتضي شركة بينة وبين سائر الموجودات في الجهة التي أطلقنا عليه، وذلك تشبيه. فلم يكن الحكم بالإثبات المطلق والنفي المطلق، بل هو إله المتقابلين وخالق المتخاصمين، والحاكم بين المتضادين. ونقلوا في هذا نصا عن محمد بن علي الباقر أنه قال:"لما وهب العلم للعالمين قيل هو عالم، ولما وهب القدرة للقادرين قيل هو قادر. فهو عالم قادر بمعنى أنه وهب العلم والقدرة؛ لا بمعنى أنه قام به العلم والقدرة، أو وصف بالعلم والقدرة".
فقيل فيهم إنهم نفاة الصفات حقيقة، معطلة الذات عن جميع الصفات.
قالوا: وكذلك نقول في القدم: إنه ليس بقديم ولا محدث، بل القديم: أمره، وكلمته، والمحدث: خلقه وفطرته.
أبدع بالأمر العقل الأول الذي هو تام بالفعل، ثم بتوسطه أبدع النفس التالي الذي هو غير تام. ونسبة النفس إلى العقل إما نسبة النطفة إلى تمام الخلقة، والبياض إلى الطير وإما نسبة الولد إلى الوالد، والنتيجة إلى المنتج. وإما نسبة الأنثى إلى الذكر، والزوج إلى الزوج.
قالوا: ولما اشتاقت النفس إلى كمال العقل احتاجت إلى حركة من النقص إلى الكمال، واحتاجت إلى آلة الحركة، فحدثت الأفلاك السماوية وتحركت حركة دورية بتدبيرالنفس، وحدثت الطبائع البسيطة بعدها. وتحركت حركة استقامة بتدبير النفس أيضا، فتركبت المركبات من المعادن، والنبات، والحيوان، والإنسان. واتصلت النفوس الجزئية بالأبدان. وكان نوع الإنسان متميزا عن سائر الموجودات بالاستعداد الخاص لفيض تلك الأنوار، وكان عالمه في مقابلة العالم كله.
وفي العالم العلوي عقل، ونفس كلي، فوجب أن يكون في هذا العالم عقل مشخص هو كل. وحكمه حكم الشخص الكامل البالغ، ويسمونه الناطق، وهو النبي ونفس