منها فصل "الحق والباطل" الصغير، والكبير. يذكر أن في العالم حقا وباطلا. ثم يذكر أن علامة الحق هي الوحدة، وعلامة الباطل هي الكثرة. وأن الوحدة مع التعليم، والكثرة مع الرأي. والتعليم مع الجماعة، والجماعة مع الإمام. والرأي مع الفرق المختلفة، وهي مع رؤسائهم.
وجعل الحق والباطل، والتشابه بينهما من وجه، والتمايز بينهما من وجه، والتضاد في الطرفين، والترتيب في أحد الطرفين؛ ميزانا يزن به جميع ما يتكلم فيه.
قال: وإنما أنشأت هذا الميزان من كلمة الشهادة، وتركيبها من النفي والإثبات، أو النفي والاستثناء.
قال: فما هو مستحق النفي باطل، وما هو مستحق الإثبات حق. ووزن بذلك الخير والشر، والصدق والكذب، وسائر المتضادات. ونكتته أن يرجع في اكل مقالة وكلمة إلى إثبات المعلم، وأن التوحيد هو التوحيد والنبوة معا، حتى يكون توحيدا. وأن النبوة هي النبوة والإمامة معا حى كتون نبوة، وهذا هو منتهى كلامه.
وقد منع العوام عن الخوض في العلوم. وكذلك الخواص عن مطالعة الكتب المتقدمة إلا من عرف كيفية الحال في كل كتاب، ودرجة الرجال في كل علم.
ولم يتعد بأصحابه في الإلهيات عن قوله: إن إلهنا إله محمد. قال: وأنتم تقولون: إلهنا إله العقول، أي: ما هدي إليه عقل كل عاقل. فإن قيل لواحد منهم: ما تقول في الباري تعالى؟ وأنه هل هو واحد أم كثير؟ عالم أم لا؟ قادر أم لا؟ لم يجب إلا بهذا القدر: إن إلهي إله محمد و {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} ١.
والرسول هو الهادي إليه.
وكم قد ناظرت القوم على المقدمات المذكورة فلم يتخطوا عن قولهم: أفنحتاج إليك؟ أو نسمع هذا منك؟ أو نتعلم عنك؟