في الذات؛ وإنما هي راجعة إلى أقوال الشارع: افعل، لا تفعل. وعلى هذا المذهب كل مجتهد مصيب في الحكم.
ومن الأصوليين من صار إلى أن لله تعالى في كل حادثة حكماً بعينه؛ قبل الاجتهاد: من جواز وحظر؛ بل وفي كل حركة يتحرك بها الإنسان حكم تكليف من تحليل وتحريم؛ وإنما يرتاده١ المجتهد بالطلب والاجتهاد؛ إذ الطلب لا بد له من مطلوب، والاجتهاد يجب أن يكون من شيء إلى شيء، فالطلب المرسل لا يعقل. ولهذا يتردد المجتهد بين النصوص والظاوهر والعمومات، وبين المسائل المجمع عليها؛ فيطلب الرابطة المعنوية، أو التقريب من حيث الأحكام والصور؛ حتى يثبت في المجتهد فيه مثل ما يلقيه في المتفق عليه. ولو لم يكن له مطلوب معين: كيف يصح منه الطلب على هذا الوجه؟ فعلى هذا المذهب: المصيب واحد من المجتهدين في الحكم المطلوب؛ وإن كان الثاني معذوراً نوع عذر؛ إذ لم يقصر في الاجتهاد.
ثم: هل يتعين المصيب، أم لا؟ فأكثرهم على أنه لا يتعين؛ فالمصيب واحد لا بعينه.
ومن الأصوليين من فصل الأمر فيه؛ فقال: ينظر في المجتهد فيه، فإن كانت مخالفة النص ظاهرة في واحد من المجتهدين، فهو المخطئ بعينه، خطأ لا يبلغ تضليلا، والمتمسك بالخبر الصحيح والنص الظاهر مصيب بعينه. وإن لم تكن مخالفة النص ظاهرة: فلم يكن مخطئا بعينه؛ بل كل واحد منهما مصيب في اجتهاده، وأحدهما مصيب في الحكم لا بعينه.
هذه جملة كافية في أحكام المجتهدين في نوعي: الأصول، والفروع. والمسألة مشكلة، والقضية معضلة.