بالنفس، لا التحيز والحجمية. فهو واحد بالجوهرية، ثلاثة بالأقنومية، ويعنون بالأقانيم الصفات كالوجود والحياة والعلم. وسموها الأب والابن، وروح القدس، وإنما العلم تدرع وتجسد دون سائر الأقانيم.
وقالوا في الصعود إنه قتل وصلب، قتله اليهود حسدا وبغيا، وإنكارا لنبوته ودرجته. ولكن القتل ما ورد على الجزء اللاهوتي، وإنما ورد على الجزء الناسوتي. قالوا: وكمال الشخص الإنساني في ثلاثة أشياء: نبوة، وإمامة، وملكة. وغيره من الأنبياء كانوا موصوفين بهذه الصفات الثلاث، أو ببعضها، والمسيح عليه السلام درجته فوق ذلك لأنه الابن الوحيد فلا نظير له، ولا قياس له إلى غيره من الأنبياء، وهو الذي به غفرت زلة آدم عليه السلام، وهو الذي يحاسب الخلق.
ولهم في النزول اختلاف. فمنهم من يقول: ينزل قبل يوم القيامة كما قال أهل الإسلام، ومنهم من يقول لا نزول له إلا يوم الحساب. وهو بعد أن قتل وصلب، نزل ورأى شخصه شمعون الصفا، وكلمه وأوصى إليه، ثم فارق الدنيا وصعد إلى السماء. فكان وصيه شمعون الصفا وهو أفضل الحواريين علما وزهدا وأدبا. غير أن فولوس شوش أمره، وصير نفسه شريكا له، وغير أوضاع كلامه، وخلطه بكلام الفلاسفة ووساوس خاطره.
ورأيت رسالة فولوس التي كتبها إلى اليونانيين أنكم تظنون أن مكان عيسى عليه السلام كمكان سائر الأنبياء وليس كذلك. بل إنما مثله مثل "ملكيزداق" وهو ملك السلام الذي كان إبراهيم عليه السلام يعطى إليه العشور، وكان يبارك على إبراهيم ويمسح رأسه. ومن العجب أنه نقل في الأناجيل أن الرب تعالى قال: إنك أنت الابن الوحيد، ومن كان وحيدا كيف يمثل بواحد من البشر؟
ثم أن أربعة من الحواريين اجتمعوا وجمع كل واحد منهم جمعا سماه الإنجيل. وهم متى، ولوقا، ومرقس، ويوحنا. وخاتمة إنجيل متى أنه قال: إني أرسلكم إلى الأمم كما أرسلني أبي إليكم. فاذهبوا وادعوا الأمم باسم الأب، والابن، وروح القدس.