إنه نص على ابنه محمد بن الحنفية، وهؤلاء هم الكيسانية، ثم اختلفوا بعده، فمنهم من قال إنه لم يمت، ويرجع فيملأ الأرض عدلا، ومنهم من قال إنه مات، وانتقلت الإمامة بعده إلى ابنه أبي هاشم، وافترق هؤلاء، فمنهم من قال الإمامة بقيت في عقبه وصية بعد وصية، ومنهم من قال إنها انتقلت إلى غيره، واختلفوا في ذلك الغير، فمنهم من قال هو بنان بن سمعان النهدي، ومنهم من قال هو علي بن عبد الله بن عباس، ومنهم من قال هو عبد الله بن حرب الكندي، ومنهم من قال هو عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وهؤلاء كلهم يقولون إن الدين طاعة رجل، ويتأولون أحكام الشرع كلها على شخص معين كما ستأتي مذاهبهم.
وأما من لم يقل بالنص على محمد بن الحنفية فقال بالنص على الحسن والحسين رضي الله عنهما، وقال: لا إمامة في الأخوين إلا الحسن والحسين رضي الله عنهما. ثم اختلفوا، فمنهم من أجرى الإمامة في أولاد الحسن، فقال بعده بإمامة ابنه الحسن، ثم ابنه عبد الله، ثم ابنه محمد، ثم أخيه إبراهيم الإمامين، وقد خرجا في أيام المنصور فقتلا في أيامه. ومن هؤلاء من يقول برجعة محمد الإمام، ومنهم من أجرى الوصية في أولاد الحسين وقال بعده بإمامة ابنه علي بن الحسين زيد العابدين نصا عليه. ثم اختلفوا بعده، فقالت الزيدية بإمامة ابنه زيد. ومذهبهم: أن كل فاطمي خرج، وهو عالم، زاهد، شجاع، سخي، كان إماما واجب الاتباع، وجوزوا رجوع الإمامة إلى أولاد الحسن. ثم منهم من وقف وقال بالرجعة، ومنهم من ساق وقال بإمامة كل من هذا حاله في كل زمان، وسيأتي فيما بعد تفصيل مذاهبهم.
وأما الإمامية فقالوا بإمامة محمد بن علي الباقر نصا عليه، ثم بإمامة جعفر بن محمد الصادق وصية إليه، ثم اختلفوا بعده في أولاده: من المنصوص عليه؟ وهم خمسة: محمد، وإسماعيل، وعبد الله، وموسى، وعلي. فمنهم من قال بإمامة محمد وهم العمارية، ومنهم من قال بإمامة إسماعيل وأنكر موته في حياة أبيه وهم المباركية، ومن هؤلاء من