وحكي عن قوم من الثنوية أن النور والظلمة لا يزالا حيين، إلا أن النور حساس عالم، والظلام جاهل أعمى, والنور يتحرك حركة مستوية مستقيمة، والظلام يتحرك حركة عجرفية١ خرقاء معوجة فبيناهما كذلك إذ هجم بعض هامات الظلام على حاشية من حواشي النور، فابتلع النور منه قطعة على الجهل، لا على القصد والعلم، وذلك كالطفل الذي لا يفصل بين الجمرة والتمرة، وكان ذلك سبب المزاج. ثم إن النور الأعظم دبر في الخلاص، فبنى هذا العالم ليستخلص ما امتزج به من النور، ولا يمكنه استخلاصه إلا بهذا التدبير.
١ أصل العجرفة: التكبر، والجفوة في الكلام، يقال: في الجمل عجرفة وعجرفية في المشي، إذا كان لا يبالي لسرعته.