للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسأل حاجاتنا منهم، ونعرض أحوالنا عليهم، ونصبو في جميع أمورنا إليهم، فيشفعون لنا إلى خالقنا وخالقهم، ورازقنا ورازقهم. وهذا التطهير والتهذيب ليس يحصل إلا باكتسابنا ورياضتنا وفطامنا أنفسنا عن دنيات الشهوات، باستمداد من جهة الروحانيات. والاستمداد هو التضرع والابتهال بالدعوات، وإقامة الصلوات، وبذل الزكوات، والصيام عن المطعومات والمشروبات، وتقريب القرابين والذبائح، وتبخير البخورات، وتعزيم العزائم، فيحصل لنفوسنا استعداد واستمداد من غير واسطة، بل يكون حكمنا وحكم من يدعي الوحي على وتيرة واحدة.

قالوا: والأنبياء أمثالنا في النوع، وأشكالنا في الصورة, يشاركوننا في المادة، يأكلون مما نأكل، ويشربون مما نشرب، ويساهموننا في الصورة. أناس بشر مثلنا، فمن أين لنا طاعتهم؟ وبأية مزية لهم لزمت متابعته؟ {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} ١. مقالتهم.

وأما الفعل:

فقالوا: الروحانيات هم الأسباب المتوسطون في الاختراع، والإيجاد، وتصريف الأمور من حال إلى حال، وتوجيه المخلوقات من مبدأ إلى كمال يستمدون القوة من الحضرة القديسة، ويفيضون الفيض على الموجودات السفلية.

فمنها مدبرات الكواكب السبعة السيارة في أفلاكها، وهي هياكلها، فلكل روحاني هيكل، ولكل هيكل فلك، ونسبة الروحاني إلى ذلك الهيكل الذي اختص به، نسبة الروح إلى الجسد، فهو ربه ومدبره ومديره. وكانوا يسمون الهياكل: أربابا، وربما يسمونها: آباء، والعناصر أمهات. ففعل الروحانيات تحريكها على قدر مخصوص، ليحصل من حركاتها انفعالات في الطبائع والعناصر، فيحصل من ذلك تركيبات


١ المؤمنون آية ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>