فهذه كيفية صور الحساب نقشا، وكمية أبوابها جملة، ولكل قسم من الأبواب أخت تقابله، وزوج يساويه في المدة ولا يجوز إغفال ذلك بحال، والحساب تاريخ وتوجيه.
والآن نذكر كمية هذه الصور، وانحصار الأقسام في سبع، ولم صار العدد الأول فردا لا زوج له في الصورة؟ ولم انحصر منها الأصل في قسمين لا يعدوان إلى ثالث؟ ولم انحصر من ذلك الأصل في اربعة أقسام؟ ولم خرجت الأقسام الأخر عن الحصر؟
فأقول: إن العقلاء الذين تكلموا في علم العدد والحساب اختلفوا في الواحد: أهو من العدد، أم هو مبدأ العدد وليس داخلا في العدد؟ وهذا الاختلاف إنما ينشأ من اشتراك لفظ الواحد. فالواحد يطلق ويراد به ما يتركب منه العدد؛ فإن الاثنين لا معنى لها إلا واحد مكرر أول تكرير، وكذلك الثلاثة والأربعة، ويطلق ويراد به ما يحصل منه العدد، أي هو علته ولا يدخل في العدد، أي لا يتركب منه العدد، وقد تلازم الواحدية جميع الأعداد لا على أن العدد تركب منها، بل كل موجود فهو في جنسه أو نوعه، أو شخصه واحد. يقال: إنسان واحد، وشخص واحد، وفي العدد كذلك، فإن الثلاثة في أنها ثلاثة واحدة. فالواحدية بالمعنى الأول داخلة في العدد، وبالمعنى الثاني علة للعدد، وبالمعنى الثالث ملازمة للعدد، وليس من الأقسام الثلاثة قسم يطلق على الباري تعالى معناه، فهو واحد لا كالآحاد: أي هذه الوحدات، والكثرة منه وجدت، ويستحيل عليه الانقسام بوجه من وجوه القسمة.
وأكثر أصحاب العدد على أن الواحد لا يدخل في العدد، فالعدد مصدره الأول اثنان، وهو ينقسم إلى زوج وفرد. فالفرد الأول ثلاثة، والزوج الأول أربعة، وما وراء الأربعة فهو مكرر كالخمسة فإنها مركبة من عدد وفرد، وتسمى العدد الدائر؛ والستة مركبة من فردين وتسمى العدد التام، والسبعة مركبة من فرد وزوج، وتسمى العدد الكامل؛ والثمانية مركبة من زوجين وهي بداية أخرى، وليس ذلك من غرضنا.